رمزيّة جانفي

رمزيّة جانفي ،السلطة أيضا تتّعض و تستوعب الدروس ،لكنّ الشعب يتمسّك بهذه الرمزية الخالدة و يراكم خبراته النضالية …
تمّ مضاعفة سعر الخبز من مي80 إلى 170مي في أواخر ديسمبر 1983 علما و أنّ الخبزة المقصودة ” خبزة بوكيلو ” الخبزة ” الطليان “التي زنتها أنذاك 1كلغ … وهذا ما دفع بالشعب الكادح و جمهور المفقرين والمهمّشين و سكّان الأحواض الشعبيّة بالعاصمة و بمدن العصيان الأبدي بالشريط الداخلي تنتفض و تتمرّد…
لكن السلطة أيضا استوعبت عدّة دروس من معاركها ضد الشعب المنتفض ، لاحظوا جيّدا الزيادة المهولة التي شهدها سعر الخبزة فالخبزة اليوم 240 مي زنتها 400 غ و بالتالي فالسعر الحقيقي للخبزة مقارنة بسعر 1984 في حدود 528 مي ، اذن سعر 170 مي انتفضنا ضده و سعر ب528مي استسلمنا له على جرعات مضلّلة تصيب الشعب بعمى الالوان ، بشكل ظرفي ومؤقّت طبعا لأنه سرعان ما يتبيّن الأمر وتنفتح بصيرته والبديهيّة …فالنظام و السلطة بتوجيه من مراكز الدراسات التابعة لدوائر النفوذ العامي توخّت الزيادة المتدرّجة و القليلة سنويا و التخفيض في الميزان عوضا على زيادة مرتفعة و فجئية ومرة واحدة ، و عوض اقرارها بجانفي مع مفتتح السنة المالية و الجبائيّة أصبحت تقرّ على طول اشهر السنة و خاصة بالصيف تجنّبا لردود الفعل الشعبية المنتفضة و التخلّص من رمزية جانفي … فما انتفض عليه الشعب في 1984 و هزم خلال انتفاضته السلطة وفرض على بورقيبة قولته الشهيرة ” نرجعو كما كنّا قبل الزيادات ” ، نجد أنّ بن علي مرّره بجرعات ودهاء وخبث …
لكنّ رمزية جانفي كشهر ” الانتفاضات الجماهيرية ضد الاستغلال الطبقي والنهب الامبريالي ” ( وهذا ما يؤكّد عليه الوطد في مواقفه وبياناته و نصوصه ، مثال نص 2009 المنزّل ضمن الارشيف بصفحة الحزب الوطد الثوري
https://www.facebook.com/notes/الحزب-الوطني-الاشتراكي-الثوري-الوطد-الإعلام/من-أرشيف-الوطد-جانفي-2009-جانفي-شهر-الانتفاضات-الجماهيرية-ضد-الاستغلال-الطبقي-وا/443073909153510 )
انّ رمزية جانفي أحيتها انتفاضة الحوض المنجمي و انتفاضة 17 ديسمبر و انتفاضة الأتاوات الأخيرة 2014 ،و الانتفاضة المجيدة و المسار الثوري المنبثق عنها منذ 3 سنوات انّما هو ضد غلاء الأسعار في جانب منه و ضد غلاء المعيشة و لأجل الحياة الكريمة وضد البطالة والتهميش التي افرزتها نفس سياسة المزالي في 1984 التي واصلت سياسة نويرة 1978 ، وواصلها من بعدهما بن علي و لاتزال نفس السياسة متبعة منذ حكومة الغنوشي 1و2 و حكومة السبسي و حكومة الجبالي و العريض ، والمؤكّد أنّ حكومة جمعة ستتّبع نفس السياسة وستواصل في نفس منوال التنمية رغم 3 سنوات من رفض الشعب لهذه السياسة وتمرّده ضدّها و انتفاضه على خيارات هذا المنوال وعلى نتائجه ممّا يؤكّد أنّ من 14 جانفي 2011 حين تهريب بن علي الى 14 جانفي 2014 لم يتمّ سوى الالتفاف على جوهر المطالب الاقتصادية والاجتماعية للانتفاضصات الشعبية والانقضاض على الأفق الثوري لمنع التغيير الفعلي والحقيقي للسياسة التنموية المتبعة واجهاض الاصلاحات الجوهرية والأساسية و العميقة على منوال التنمية من منظور مصلحة الشعب المنتفض ، لذلك نؤكّد أنّ “ثورة التونسية “تظلّ ثورة غير منتهية و فاشلة مالم تغيّر منوال التنمية وان كنّا على وعي تام بأنّ التغيير لايتمّ الاّ صورة تدريجيّة و على مراحل و بكلّ واقعية وعقلانية تسير وفق الممكن والقابل للانجاز ،/ لكنّ لا يمكن ان يتمّ اي اصلاح فعلي و لا يمكن ان يحدث اي تغيير فعلي في ظلّ النظام القائم و بالتعايش مع المنظومات الرجعية الساهرة على تنفيذ هذه السياسات اللاشعبية بالوكالة حتّى وان امتلكت شرعية توافقية باسم الحوار أو امتلكت شرعية انتخابية – تظل شكلية وصورية لانها منتوج النفوذ المالي والاعلامي و المسرحيات المهزلة المتحكّم فيها عن بعد من دون ان ننكر اهمية الانتخابات و مبدا الانتخاب و دوره في تحقيق مظهر من مظاهر السيادة الشعبية – …
انّ ثورتنا التونسيّة ثورة أجهض الرأس المال العالمي و الراس المال المحلي المرتهن اليه و دوائر النفوذ المرتبطة به جوهرها الأساسي و طبيعتها الاجتماعية ، أجهضاها لأجل مواصلة نفس منوال التنمية ونفس السياسة اللاشعبية التي أفرزت معاناة غلاء الاسعار و الفقر و تردّي الخدمات الصحية و التعليمية العمومية و تدني مستواها و غياب التوازن بين الجهات و الفئات و غياب العدالة و الانصاف في الجباية وفي توزيع الثروة او الانتفاع بها …
ولكنّ الشعب المنتفض واليقظ ، رغم الالتفاف المتواصل و رغم أعمال الاجهاض المتعدّد الأشكال والوسائل و الوسائط والمتجدّد باستمرار و رغم الدفق المالي المشبوه لتزييف الوعي و تخريبه و تحويل وجهته ، رغم كلّ االأـشياء والأشياء فانّ هذا الشعب المنتفض على الدوام ضد الظلم و الاستغلال و الاستبداد و الذي امن بارادة الحيتة ، سيواصل نضاله الاجتماعي و سيواصل انتفاضه وعصيانه الأبدي والمتأصّل بأشكال أرقى لأنّه راكم خبرات كبيرة منذ معركة 26 جانفي 1978 و الاضراب العمالي العام الى جانفي 2014 والانتفاضة ضد أتاوات النهضة و سياسة العريض والفخفاخ ، مرورا بانتفاضة الحوض المنجمي 2008 ملحمة الرديف ضد الفساد و اقتسام منافع الثروة المنجمية و وما بلورته من أشكال نضالية استلهمها شباب انتفاضة 17 ديسمبر وطوّروا فيها و أضافوا اليها … الشعب المنتفض يراكم خبرة حتما ستفتح له وللقوى الاجتماعية المناضلة و المنحازة اليه انحياز مبدئي لامشروط غير مناور و متحرّر من “البوليتيك ” السياسوي المساوم والمناور و المنخرطة معه تتطوّر بتطوّره … خبرة ستفتح افاق أرحب و أفق متجدّد …

This entry was posted in عام. Bookmark the permalink.