تحرك عائلات شهداء وجرحى الإنتفاضة

This gallery contains 29 photos.

مشاركة مناضلي منظمة الشبيبة الوطنية الديمقراطية الثورية -كفــــــــاح- في تحرك عائلات شهداء وجرحى الانتفاضة.

More Galleries | Comments Off on تحرك عائلات شهداء وجرحى الإنتفاضة

إحياء ذكرى يوم 1 ماي ـ عيد العمال ـ بجهة صفاقس

This gallery contains 14 photos.

حضور متميز لمناضلات و مناضلي الحزب الوطني الإشتراكي الثوري * الوطد *ومنظمته الشبابية كفاح خلال إحياء ذكرى يوم 1 ماي ـ عيد العمال ـ بجهة صفاقس

More Galleries | Comments Off on إحياء ذكرى يوم 1 ماي ـ عيد العمال ـ بجهة صفاقس

1 ماي اليوم العالمي للعمال

This gallery contains 20 photos.

مشاركة حزب الوطد الثوري ومنظمته الشبابية كفاح في إحياء اليوم العالمي للعمال

More Galleries | Comments Off on 1 ماي اليوم العالمي للعمال

مطوية منظمة الشبيبة الوطنية الديمقراطية الثورية -كفــــاح- بمناسبة اليوم العالمي للشباب المناهض للإمبريالية

 

10312847_794650597214362_6605714629513895429_n10154276_794650593881029_2459853808506024404_n

Posted in عام | Comments Off on مطوية منظمة الشبيبة الوطنية الديمقراطية الثورية -كفــــاح- بمناسبة اليوم العالمي للشباب المناهض للإمبريالية

اليوم العالمي لمناهضة الإمبريالية 24/04/2014

This gallery contains 17 photos.

مشاركة منظمة الشبيبة الوطنية الديمقراطية الثورية كفــــــــــاح في إحياء اليوم العالمي لمناهضة الإمبريالية (24/04/2014)

More Galleries | Comments Off on اليوم العالمي لمناهضة الإمبريالية 24/04/2014

بيان الى الرأي العام الوطني والطلابي

تعيش الجامعة التونسية هذه الأيام على وقع انتخابات ممثلي الطلبة في المجالس العلمية التي يخوضها مناضلو الحركة الطلابية و ذراعها النقابي “الاتحاد العام لطلبة تونس” ضد الرجعية بشقيها (الدستوري و الظلامي) و المسؤولة عن معاناة أبناء شعبنا المضطهد في الجامعة و البلاد عموما عن طريق خياراتها المملات من دوائر الاستعمار العالمي.اننا في منظمة الشبيبة الوطنية الديمقراطية الثورية -كفـــاح– اذ نخوض هذه المعركة مع جماهيرنا الطلابية و مع الاطراف الوطنية و التقدمية فاننا نؤكد ما يلي:

1. ان مشاركتنا بالقائمة الموحدة للاتحاد العام لطلبة تونس باسم الشهيد ” محمد البراهمي” و الشهيد ” محمد المفتي” بنسبة لجهة قفصة مع الاطراف التقدمية و دعمها هو تمسك منا بمشروع الوحدة المناضلة داخل الحركة الطلابية و حتى نفوت الفرصة على اعداء الحركة الطلابية و المتربصين لها.

2. اعتبارنا ان انتخابات المجالس العلمية هذه السنة تكون خطوة نحو توحيد الحركة الطلابية و ذراعها النقابي ” الاتحاد العام لطلبة تونس ” على قاعدة ثوابت الحركة الطلابية و شعارات 5 فيفري.

3. ان ما يعيشه الطلبة من تهميش و تفقير و تدن للمستوى المعرفي و الثقافي و ما يعانيه شعبنا الكادح عموما من اضطهاد و استغلال راجع بالاساس الى خيارات النظام الكمبرادوري و حكوماته المتعاقبة حداثوية كانت ام ظلامية قروسطية.

4. ان تواصل سياسة اغراق البلاد في الديون و التفريط في ثروات الشعب و غلاء الاسعار و البطالة و الاعتداء على عائلات الشهداء و اطلاق سراح القتلة و المجرمين في حق الشعب يعكس تواصل نهج العمالة و الخيانة في ظل حكومة مهدي جمعة المرتبطة بالامبريالية و ادواتها الصهيونية و الانظمة الرجعية.

ختاما ، ان محاولات الالتفاف التي يقودها الائتلاف الطبقي الرجعي الحاكم على انتفاضة 17 ديسمبر 14 جانفي في تونس تتطلب من القوى الثورية و الوطنية و التقدمية التصدي بالنضال الثوري بكل اشكاله داخل الجامعة و خارجها و اعادة الاعتبار للمسار الثوري من اجل تحقيق التحرر الوطني و الانعتاق الاجتماعي. المجد للشهداء

عاشت نضالات الشعوب من اجل الارض و الحرية و الكرامة الوطنية

عاشت نضالات الطلاب من اجل الجامعة الشعبية و التعليم الديمقراطي و الثقافة الوطنية

منظمة الشبيبة الوطنية الديمقراطية الثورية – كفــــــــــــــاح –

kifeee7

Posted in بيانـــات | Comments Off on بيان الى الرأي العام الوطني والطلابي

تونس بين الفلاڨة و الڨومية …

ڨ …ڨومي ، ڨ … فلاّڨ
الڨومي ؟
هو القوّاد و البيّوع و الصبّايحي … الّي خدم عمرو الكل سيدو الباي و معاه خدم بو برطلة الرومي … عمرو الكل يا اصب للفرنسيس باخيّانو التوانسة و الا ادل في الجندرمي وين متخبين المجاهدين الي هزو السلاح في وجه الاستعمار …
وجا حبيب الامة والمجاهد الاكبر و من باب الواقعية و السماح على الي فات واحنا اولاد اليوم سامحهم و قبل حسب ما اتفق مع الفرنسيس موش باش ما اعاقبهمش بركة اما باش اعمّل علاهم …
الفلاّڨ ؟
كلمة طرابلسيّة في الاصل من ليبيا جات مع الي هاجرو لبلادنا من طرابلس … عندها معنى متاع ذم و معنى دلالي عالي و ناسها حفظتهم الذاكرة ومانساتهمش … كيفاش ؟
في الوقت الي كَبِّر بورڨيبة بالڨومية ، المجاهد الي قاوم وشد صحيح لاخر لحظة ورفض اسلّم سلاحه بين 54 و 1955 خاطر المجاهد ما ارنديش سلاحه للمستعمر و قال نستقلو ومن بعد ع الراس والعين دولتي هي الي نكب على راسها و نسلملها سلاحي ، ها المقاوم ولّى مبخوس ومحڨور و سماه سيد الاسياد اكا العام ” فلاّڨ” ، ماعناتها قُطْعي يسرڨ و يڨطع الطريق و افلّڨ في الجبل … و الڨومي ولاّ في ليلة ونهار بورڨيبي والعسّة ولّت على الي اعارض بورڨيبة و ضرب الهناشر و الاراضي والفيرمات … والفلاّڨ برغم الي تحڨر و تبخس و ما لحڨو حتى نصيب م الثروة و من متاع الدنيا ، كبر اسمو و علاّ شانو و الفلاّڨ ولاّت تساوي في المعنى متاعها المقاومين الأحرار و المجاهدين الكبار متاع ها البلاد …وغنّاية الخمسة الي لحڨو بالجرّة ملك الموت منك راجي الي تتغنّى بالمجاهد الأكبر الحقيقي الدغباجي ، سنين الله بقات موشومة في وجدان التوانسة …بالرغم الي بورڨيبة و الحاشية متاعو و الزباينة زيْفو التاريخ و خلقو منّ زعيمهم المجاهد الأكبر الأوحد …أما ذاكرتنا ما نسّاتش الدغباجي و الجربوع و في كل دشرة ظهر منها مقاوم الاّ واسمو محفور في ذاكرةاهلو …
الفلاّڨة هاذم و ها الڨومية من وقت دخول الجيش الفرانساوي عندهم جدود و الزوز توانسة اما كل واحد من بر ،الدم دم واحد اما متخالفين في الروح و في العقل و في الڨلب :
على جِدّة ما جو الفرنسيس ، كل حد بان على حقيقته ،
اڨول شاعر عامي ، تنسى اسمو ، اما تحفظ شعرو :
البَايْ بَاعِثْ عِليناَ إلُومْ ڨَالْ افرحو بِمَحالْ ولد الرُوم ْ
الباي بَاعْ الوطن بالتصْحِيحْ ماعاد فيه مِليح ْ
وِلِّي عِينوُ في الجَهَادْ اِصِيحْ
وفي تونس اليوم أحفاد للڨومية سمسارة على لون وكريمة من غير نسّب ولاّ حسّب لجدودهم البيوعة تفننو في الرخص و التلحيس للڨاوري ..ومن قبل حتى الثورة هوما من سفارة لسفارة و اليوم ماعاد شيء امْخبّي في النهار والڨايلة اسافرو لباريز و الاّ لواشنطن احاولو بجاه ربي ارضو علينا وارضو بنا ، و الي ما سافرش اقابل الرئيس الي اجي و يتفاوض مع سفير ها البلاد هذي و البلاد لخرى ، من غير حتى صفة في الدولة و كاينّا ولينا في تونسنا في سوق ودلاّل شكون يشري “هاو عميل للبيع ” …
وفي تونس زادة ثمّة برشة الي ينسبو رواحهم بعزّة وفُخرة لجدود الفلاڨة … وبالرغم الي السلاح ادور اليوم عند ناس غير ناسه ، ادور في يد ناس ماشي في بالهم اقاومو في الكفّار وهوما في الاصل لعبة بين ادين جماعة الاستعمار ، السلاح الي فيد اولاد الفلاڨة سلاح اقوى : سلاح التونسي الحر الّي اقاوم وما يستسلمّش لا يذبح ولا اقتّل ، سلاح الّي ثارو ضد الظلم والطغيان ، ثارو و ناضو ، فزّو و فزعو و ڨامو صوت واحد : بِسِبِيلْ المُحال كانْ مَازِلْناَ نَقْبُلو ها عِيشَة الذِل …و بِسِبيلْ المُحَالْ كَانْ نَرْجُعُو كِمَا كُنَّا قَبْلْ طحّين و قوادة و صبّة وعسّة و ركشة ولُبُّود و سكّات ولجّام … و تلڨاهم يحلفو ويتكتفو قولا وفعلا : و الله كنموتو الناس الكل …
اما كالعادة والعوّايد برشة ڨومية جدّد لابدين راكشين و بعد ماكانو موخرين في العركة ڨدمو و ڨالو احنا امّالي الثورة و ولّو يحلمو بنصيبهم في الثورة بعد ما صدعولنا روسنا وحكو باسم الشعب وحقو في الثروة … و علاّش لا ؟ مادام ها الثورة جابت واحد ولد ڨومي اليوم ولّى برتبة رئيس مؤقّت !!! وِلّي نِعْڨُدُو فيه النوارة هو بيدو اولّي مادد ايده ال بو برطلة و شادد الصف يستنى في بايتو اڨولك بالكشي تصادف و يختاره الشعب رئيس …
وهكاكة تونس لليوم بعد 58 سنة من بروتوكول 56 ، وبعد 3 سنين م الثورة مازالت في دوّامة بين الفلاّڨة و الڨومية … غاطسة للعنكوش في الديّونة و سقوطيّة الديّوثة الّي باعو البلاد ومستعدّين باش ابيعوها باش ثمّاش ما يقبلو بيه حاكم دائم …
وقتاش نستقلو بالحق و نولو أحرار في بلادنا بالفم والملاّ و ماعاد نشوفو لا فلاّڨة ولا ڨومية ، نشوفو ناس تحلم مع بعضها تبني ” وطن من نسج احلام ” ؟ وقتاش زعمة اتم ها المنامة ؟
________________
ولد زهرة felaga

Posted in عام | Comments Off on تونس بين الفلاڨة و الڨومية …

تونس بين الفلاڨة و الڨومية …

مادام غدوة تتعدّى 58 سنة على بروتوكول 20 مارس 1956 ، برّا نتذكرو بالڨجمي الفصيح اش
ماعناتها :
ڨ …ڨومي ، ڨ … فلاّڨ
الڨومي ؟
هو القوّاد و البيّوع و الصبّايحي … الّي خدم عمرو الكل سيدو الباي و معاه خدم بو برطلة الرومي … عمرو الكل يا اصب للفرنسيس باخيّانو التوانسة و الا ادل في الجندرمي وين متخبين المجاهدين الي هزو السلاح في وجه الاستعمار …
وجا حبيب الامة والمجاهد الاكبر و من باب الواقعية و السماح على الي فات واحنا اولاد اليوم سامحهم و قبل حسب ما اتفق مع الفرنسيس موش باش ما اعاقبهمش بركة اما باش اعمّل علاهم …
الفلاّڨ ؟
كلمة طرابلسيّة في الاصل من ليبيا جات مع الي هاجرو لبلادنا من طرابلس … عندها معنى متاع ذم و معنى دلالي عالي و ناسها حفظتهم الذاكرة ومانساتهمش … كيفاش ؟
في الوقت الي كَبِّر بورڨيبة بالڨومية ، المجاهد الي قاوم وشد صحيح لاخر لحظة ورفض اسلّم سلاحه بين 54 و 1955 خاطر المجاهد ما ارنديش سلاحه للمستعمر و قال نستقلو ومن بعد ع الراس والعين دولتي هي الي نكب على راسها و نسلملها سلاحي ، ها المقاوم ولّى مبخوس ومحڨور و سماه سيد الاسياد اكا العام ” فلاّڨ” ، ماعناتها قُطْعي يسرڨ و يڨطع الطريق و افلّڨ في الجبل … و الڨومي ولاّ في ليلة ونهار بورڨيبي والعسّة ولّت على الي اعارض بورڨيبة و ضرب الهناشر و الاراضي والفيرمات … والفلاّڨ برغم الي تحڨر و تبخس و ما لحڨو حتى نصيب م الثروة و من متاع الدنيا ، كبر اسمو و علاّ شانو و الفلاّڨ ولاّت تساوي في المعنى متاعها المقاومين الأحرار و المجاهدين الكبار متاع ها البلاد …وغنّاية الخمسة الي لحڨو بالجرّة ملك الموت منك راجي الي تتغنّى بالمجاهد الأكبر الحقيقي الدغباجي ، سنين الله بقات موشومة في وجدان التوانسة …بالرغم الي بورڨيبة و الحاشية متاعو و الزباينة زيْفو التاريخ و خلقو منّ زعيمهم المجاهد الأكبر الأوحد …أما ذاكرتنا ما نسّاتش الدغباجي و الجربوع و في كل دشرة ظهر منها مقاوم الاّ واسمو محفور في ذاكرةاهلو …
الفلاّڨة هاذم و ها الڨومية من وقت دخول الجيش الفرانساوي عندهم جدود و الزوز توانسة اما كل واحد من بر ،الدم دم واحد اما متخالفين في الروح و في العقل و في الڨلب :
على جِدّة ما جو الفرنسيس ، كل حد بان على حقيقته ،
اڨول شاعر عامي ، تنسى اسمو ، اما تحفظ شعرو :
البَايْ بَاعِثْ عِليناَ إلُومْ ڨَالْ افرحو بِمَحالْ ولد الرُوم ْ
الباي بَاعْ الوطن بالتصْحِيحْ ماعاد فيه مِليح ْ
وِلِّي عِينوُ في الجَهَادْ اِصِيحْ
وفي تونس اليوم أحفاد للڨومية سمسارة على لون وكريمة من غير نسّب ولاّ حسّب لجدودهم البيوعة تفننو في الرخص و التلحيس للڨاوري ..ومن قبل حتى الثورة هوما من سفارة لسفارة و اليوم ماعاد شيء امْخبّي في النهار والڨايلة اسافرو لباريز و الاّ لواشنطن احاولو بجاه ربي ارضو علينا وارضو بنا ، و الي ما سافرش اقابل الرئيس الي اجي و يتفاوض مع سفير ها البلاد هذي و البلاد لخرى ، من غير حتى صفة في الدولة و كاينّا ولينا في تونسنا في سوق ودلاّل شكون يشري “هاو عميل للبيع ” …
وفي تونس زادة ثمّة برشة الي ينسبو رواحهم بعزّة وفُخرة لجدود الفلاڨة … وبالرغم الي السلاح ادور اليوم عند ناس غير ناسه ، ادور في يد ناس ماشي في بالهم اقاومو في الكفّار وهوما في الاصل لعبة بين ادين جماعة الاستعمار ، السلاح الي فيد اولاد الفلاڨة سلاح اقوى : سلاح التونسي الحر الّي اقاوم وما يستسلمّش لا يذبح ولا اقتّل ، سلاح الّي ثارو ضد الظلم والطغيان ، ثارو و ناضو ، فزّو و فزعو و ڨامو صوت واحد : بِسِبِيلْ المُحال كانْ مَازِلْناَ نَقْبُلو ها عِيشَة الذِل …و بِسِبيلْ المُحَالْ كَانْ نَرْجُعُو كِمَا كُنَّا قَبْلْ طحّين و قوادة و صبّة وعسّة و ركشة ولُبُّود و سكّات ولجّام … و تلڨاهم يحلفو ويتكتفو قولا وفعلا : و الله كنموتو الناس الكل …
اما كالعادة والعوّايد برشة ڨومية جدّد لابدين راكشين و بعد ماكانو موخرين في العركة ڨدمو و ڨالو احنا امّالي الثورة و ولّو يحلمو بنصيبهم في الثورة بعد ما صدعولنا روسنا وحكو باسم الشعب وحقو في الثروة … و علاّش لا ؟ مادام ها الثورة جابت واحد ولد ڨومي اليوم ولّى برتبة رئيس مؤقّت !!! وِلّي نِعْڨُدُو فيه النوارة هو بيدو اولّي مادد ايده ال بو برطلة و شادد الصف يستنى في بايتو اڨولك بالكشي تصادف و يختاره الشعب رئيس …
وهكاكة تونس لليوم بعد 58 سنة من بروتوكول 56 ، وبعد 3 سنين م الثورة مازالت في دوّامة بين الفلاّڨة و الڨومية … غاطسة للعنكوش في الديّونة و سقوطيّة الديّوثة الّي باعو البلاد ومستعدّين باش ابيعوها باش ثمّاش ما يقبلو بيه حاكم دائم …
وقتاش نستقلو بالحق و نولو أحرار في بلادنا بالفم والملاّ و ماعاد نشوفو لا فلاّڨة ولا ڨومية ، نشوفو ناس تحلم مع بعضها تبني ” وطن من نسج احلام ” ؟ وقتاش زعمة اتم ها المنامة ؟
________________
ولد زهرة ، نهار قبل 20 مارس 2014

Posted in عام | Comments Off on تونس بين الفلاڨة و الڨومية …

-الثقافـــــــــــــــــــــــــة -الجزء الثاني

إن من بين خصائص الوحدة الثقافية عند غرامشي التجانس والوحدة.
• التجانس:
إن التجانس الثقافي هو التناسق الفكري لمجموعة اجتماعية عضوية متمثلة في وحدتها الإيديولوجية. فتصبح الثقافة هامشية عندما يبرز التناقض بين النظرية والممارسة.
واللاتجانس بوجود عدة أنساق فلسفية في نفس الوقت، “إن التناقض بين الفكر والممارسة يظهر في تعايش تصورين للعالم، تصور مؤكد قولا وآخر تفسره الممارسة” .
يعتبر غرامشي أن النقد الوسيلة الوحيدة لتجاوز الهامشية الثقافية والوعي المجزأ إذ يقول: “يستحسن أن يكون الإنسان تصوره الخاص للعالم بوعي نقدي المرتبط بممارساته باختيار حقل نشاطه، ويكون فاعلا في التاريخ ومقادا بذاته ولا أن يقبل محيطه طوعيا” .
إن التجانس الثقافي والفكر صمام أمان للفاعلية التاريخية والاجتماعية “ضروري أن تكون تصوراتنا للعالم والحياة متناسقة ومتجانسة” .

• االوحدة:
إن أحد السمات الأساسية في تصور غرامشي للثقافة ومفهوم الوحدة. وحدة ثقافات متنوعة، وحدة الثقافة بالتاريخ ووحدة الثقافي بالاجتماعي.
يعتقد غرامشي في هوة سحيقة تفصل بين المثقفين “والبسطاء” بوجود أرستقراطية وثقافة الحس المشترك، فيقول: “لا تتجه ثقافة البراكسيس إلى شدّ البسطاء” les simples ولكن بالعكس تقودهم إلى تصور أرقى للحياة. عندما تؤكّد ضرورة اتصال المثقفين بالبسطاء، ليس للحدّ من النشاط العلمي للإبقاء على المستوى وعي الجماهير، ولكن لتكوين كتلة ثقافية قيمية لكي يصبح التقدم الجماهيري ممكنا سياسيا ولا تقتصر على مجموعات صغيرة من المثقفين”.
ويضيف غرامشي بقوله: “إن التطور السياسي لمفهوم الهيمنة يمثل تقدما كبيرا للفلسفة، وليس فقط التطبيق السياسي، إذا ما احتوت وافترضت وحدة ثقافية أخلاقية متطابقة مع تطوّر حقيقي يرتقي بالحس المشترك” .
تتطور الثقافة في سيرورة تاريخية متجذرة تنفذ إلى الواقع التاريخي الاجتماعي لتلتحم به، اندماج الحاضر بالماضي والمستقبل، تستلهم من الماضي تجاربه النيّرة فتكون زاد تحمله إلى الحاضر لتبشر بمستقبل جديد. فيقول غرامشي: “يمكن أن نستنتج من هذه البنية أهمية “الخطة الثقافية” في النشاط العلمي في كل فعل تاريخي لا تكون إلا “بالإنسان الجماعي” Homme collectif الذي يطرح تحقيق الوحدة “الثقافية الاجتماعية” إذا التحمت الإرادات والأهداف المتفرقة على قاعدة تصور للعالم موحد فيه التنوع والوحدة، ويمر بمراحل انتقالية يصل هدفها النهائي لتصورات معاشة ومهضومة لتصبح إرادة فعّالة” .
تكون الثقافة جذرية عندما تنغرس في العمق التاريخي اجتماعي وفي حلّ المشاكل المستعصية للجماهير، ومن أحد سمات التجذر الثقافي في امتدادها التاريخي وارتباطها بالحقيقة التاريخية، اي في التحامها للمشاكل التاريخية الاجتماعية لطبقة أساسية تمتلك أهلية تغيير البنية الاجتماعية عن طريق الهيمنة فيعتبر غرامشي أن الجبهة الثقافية من الجبهات الأساسية داخل المجتمعات المصنعة التي تكون فيها الحرب “حرب مواقع”، فالجذرية انصهار التاريخي بالاجتماعي والاجتماعي التاريخي بالثقافي وتغيير هيكلي للذهنيات والقيم والسلوك.
يقول غرامشي في هذا المضمار: “في تاريخ الثقافة الذي هو أكثر شمولية من تاريخ الفلسفة، وفي الفترة التي تبرز فيها ثقافة شعبية متجاوزة فترة التحول حيث تنتقي طبقة جديدة سلاحها في هذه الفترة بالذات تزحف الطبقات التقليدية نحو الروحانيات، ففلسفة البراكسيس هي مسار كل حركة إصلاح ثقافية وقيمية في أنها تتجادل مع مواقع الثقافة الشعبية والثقافة العليا” .
تكون الثقافة أصلية عندما تستجيب لخطتها التاريخية وعامل ربط ونظام ثقافي قيمي، فتتمثل هذه اللحظة التاريخية في قول غرامشي: “تكون ساحة لمجموعات اجتماعية متعدّدة، واعون بوجودهم الاجتماعي وبمفاهماتهم وبمستقبلهم” .
ج- التأصيل الثقافي:
تتأصل الثقافة في تميزها الوطني، أو عندما تكون ثقافة وطنية تتجلى في لغة رسمية قومية، فاللغة الوطنية تعطي للثقافة تجانسها ووحدتها، فعبر تميزها الوطني تدخل التاريخ العالمي تغذيه وتثيره بما تتميز به من خصوصيات وطنية فلقد مثّل عمل كروتشي أثرى ما وصلت إليه الثقافة الإيطالية.
يقول غرامشي: “إن موقع كروتشي من الدين أهم نقطة تستوجب التحليل لفهم المعنى التاريخي للكروتشية Crocisme في تاريخ الثقافة الإيطالية” .
تكون الثقافة أصلية Originale عند تمركزها في علاقة أفقية عمودية، عمودية بالتحامها بطبقة تسعى إلى هيمنة الإيديولوجية عبر الممارسة الثقافية في نشر وعيها التجانسي الجذري يقبل طوعيا لضرورات التطور الثقافي التاريخي الاجتماعي وتكون أفقية عندما تصبح ثقافة لأمة بكاملها فتكون ثقافة الأمة والدولة فيقول غرامشي: “تتقابل في التاريخ الحقيقي علاقة تبادلية بين الأفقي والعمودي، في نشاطات اقتصادية اجتماعية عموديا وأفقيا على المستوى الوطني في شكل مختلف بين الاندماج والتفارق ممثلة في تنظيم اقتصادي سياسي ويكون من الضروري أن نضع في الحسبان العلاقات الداخلية لأمة والدولة التي تنفرج بعلاقات أممية خالقة تركيبات جديدة صلبة تاريخيا واقعية” .

نظرية المعرفة عند غرامشي:
بين معرفة شمولية ومعرفة علمية إبستيمولوجية تأسست نظرية المعرفة عند غرامشي معرفة شمولية أخذها عن جيوبارتي بدراسة كتابه المقدمة لدراسة الفلسفة).
تنوير العالم الثقافي في تعقيداته بتناوله موضوعاتهم (الثقافة) الوطنية والتصور الوطني للعالم ومعرفة علمية إبستيمولوجية أخذها (عن قوفي) من خلال كتابه (أساس علم المناهج، المنطق والإبستيمولوجيا).
يقول غرامشي (معنى علم المناهج عند “قوفي” ضيق جدا… يعني بالنسبة إلى تكوين المنطق الشكلي) .
إن ما يميز نظرية المعرفة عند غرامشي هو اعتباره أن كل إنسان له القدرة على المعرفة إذ تشكل المعرفة عنده ارتقاء بالوعي من خلال عملية تطهير الذهنيات، أي القيام بعملية غربلة للفكر لكي يكتسب الإنسان الوعي النقدي القادر على حلّ الإشكاليات المعرفية والتاريخية والاجتماعية.
فيمكن أن نعطي تعريفا عاما للمعرفة عند غرامشي بشكلها العام فهي علم أصل الأفكار وتصنيف العلوم حسب تقسيمات متعددة (إن مشكل المعرفة و النظريات في أصل الأفكار وتصنيف العلوم المتنوعة وتقسيمات ما يستطيع أن يعرفه من تصورات مختلفة ومن تقسيمات متنوعة للعلوم النظرية والتطبيقية) .
فعندما نقول المعرفة عند غرامشي فإننا نعني قدرة الإنسان الفعالة للإنسان، على معرفة منظمة معادة بالمنطق هادفة تغيير التصورات وتطوير المعيطات العلمية والتقنية لمجابهة الطبيعة كما أن المعرفة تكسب الإنسان القدرة على الفعل الاجتماعي.
معرفة ذات شمولية نظرية تتجذر في الواقع التاريخي في حركيته الدائمة.
تعددت وتنوعت علائق المعرفة فارتبطت فلسفة البركسيس بالواقع كعلم فكانت أبعادها متنوعة تناولت الإنسان بكلياته.
1/ المعرفة والفسلسفة البراكسيس:
أبواب فلسفة البراكسيس مشرعة على الرياح الأربع، آذنة للمعرفة بالدخول نسمة باردة هفت تململت الثقافة بين أحضان فلسفة البراكسيس لتفتح عينيها على شخص المعرفة فلسفة البراكسيس بالمعرفة لحقت والثقافة عند غرامشي وليد يتحرك في أحشاء البنى الفوقية الثقافة بين فلسفة البراكسيس والمعرفة حققت تميزها فيقول غرامشي: (الفلسفة هي نظام ثقافي) فكانت الفلسفة عالم الثقافة والثقافة عالم الفلسفة، والمعرفة بذرة تصوّر جديد لعالم متجذّر في واقعه التاريخي الاجتماعي المميز.
يعتبر النقد العلمي عنصرا أساسا في المعرفة وعنصرا مهما في فلسفة البراكسيس ففلسفة البراكسيس في حركة انفتاح دائم على المعرفة والنقد العلمي فيقول غرامشي: لا يمكن لفلسفة البراكسيس أن تكون إلا في صيغة نقاشات نقدية وتجاوزا لنظام فكري سابق باعتبارها فكرا حقيقيا لعالم ثقافي حقيقي وبشكل آخر نقد للحسّ المشترك .
إن المشترك بين فلسفة البراكسيس والمعرفة نزوعهما إلى الشمولية والتناسق في تجانسها البنيوي إذ لا يمكن للفلسفة والمعرفة أن يوجدا إلا كنظام ونسق وبنية تكون علائق المعرفة بفلسفة البراكسيس بنيوية بتحققها في مستوى الإيديولوجي وفي المجال التاريخي الواقعي والاجتماعي الثقافي.
خصائص فلسفة البراكسيس:
إن ما يميز فلسفة البراكسيس هو انفتاحها على مجالات متعددة فيمكن تلخيصها في مسارين اثنين مسار نظري ومسار واقعي تاريخي يتمثل المسار النظري في الرقي بتصور العالم والحياة إلى أرقى درجاتها كما يتمثل المسار الواقعي التاريخي في تغيير جذري للمجتمع فيمكن أن نعتبر فلسفة البراكسيس حسب تصور غرامشي هي تعميق نظري للارتقاء بالممارسة العلمية ولعلّ ستتوضح لنا فلسفة البراكسيس في عرض خصائصها ونشأتها.
النشأة:
لقد كانت الفلسفة عند غرامشي معارضة لكتابات كروتشي إذ اعتبر كروتشي أن فلسفة البراكسيس هي مجرّد تجليات فلسفية تحت تأثير العامل الاقتصادي وبالتالي إهمال دور الفكر والأخلاق اجتماعيا فيقول غرامشي تقدّم فلسفة كروتشي نفسها على أنها تجاوز لتدمير الفلسفة البراكسيس ولكن يمكن اعتبارها حركة مضادة للميكانيكية القدرية والاقتصادية فعليا أن ننقد فلسفة كروتشي في مسارها الفلسفي ليس كما تظهر لنا بل في وجودها الحقيقي وفي تمظهراتها العلمية الحقيقية والتاريخية وهذا مناسب لتقييم فكر كروتشي.
فيعترف غرامشي أن فلسفة البراكسيس ابتذلها تحت تأثير الرؤية الدغمائية فكانت زاوية نظرهم اقتصادية صرفة تعتبر أن العامل الاقتصادي العامل الوحيد الفاعل اجتماعيا أن الطريقة الوحيدة لإخصاب فلسفة البراكسيس هي الرقي بهذا التصور عن الابتذالات المتأتية والناتجة عن الاهتمامات التطبيقات الآنية فكان من المفروض والأكثر تعقيدا الذي يفرضه التطوّر الحالي للصراع بخلق ثقافة جديدة جذرية جماهيرية الخصائص تشبه الإصلاح بروتستاني وفلسفة الأنوار الفرنسية .
الخصائص:
التناقض: يعتبر غرامشي أن فلسفة البراكسيس فلسفة التنظير للتناقض فهي لا تدرس التناقض فقط بل تعطي نظرية التناقض فالتناقض ليس تناقض خارجي وإنما تناقض داخلي لظواهر الفكر وواقع التنوع لا نبحث خصائص في البنية الهندسية الخارجية ولكن في تجانسها الداخلي من أجل فهم خصوصي .
الحرية: فلسفة البراكسيس رقض للفكر والإيديولوجيا المغلقة بنزوعها نحو التحرر والحرية فلسفة البراكسيس فلسفة متحررة وتسعى إلى التحرر من كل إيديولوجيا ذات خط واحد من إيديولوجيا متحجرة إذ هي امتلاء الوعي بالتناقض وتطرح نفسها عامل تناقض لتصعد إلى المبادئ المعرفة والتطبيق العلمي .
النظرية والممارسة: ممكن أن تعتبر فلسفة البراكسيس تعميق لوحدة النظرية والممارسة باعتبارها نحت نظري إلى الارتقاء بالممارسة العلمية عبر خلق رؤية وتصور للعالم وللحياة متجانس يولّد إرادة جماعية فعالة قادرة على تعبير الواقع التاريخي الاجتماعي سواء في مستويات البنى الفوقية أو في المستوى الاقتصادي الاجتماعي هو التغيير الاجتماعي الجذري بأبعاده المختلفة فيقول غرامشي: استنتج كروتشي أن الإرادة الفعالة تغييرية للعالم وتكون المعرفة الحقيقية وليست سلوكية في النشاط العملي فنستنتج أن فلسفة البراكسيس تكون أساسا تصورا إلى الجماهير وتكون ثقافة الجماهير التي تتحرك بطريقة موحدة وليس قواعد قيادة كونية فقط في مجال الأفكار ولكن معمقة أيضا في الحقيقة الاجتماعية .
يبدو أن مسألة وحدة النظرية بالممارسة تتطلب بعض التوضيح إذ يعتبر غرامشي أنها مازالت في مرحلتها البدائية stade primaire فليست العلاقة بين النظرية والممارسة علاقة خارجية ميكانيكية يكون فيها النظرية مجرد مكمل للعمل التطبيقي أو خادمة له فلقد أكد غرامشي على ضرورة طرح مسألة النظرية والممارسة في واقعيتها التاريخية أي كمشكل مسألة سياسية عند المثقفين الذي يعتبرون أن عملهم يقتصر فقط في المجال الفكر والمعرفة وبالتالي الانفصال عن الجماهير فيكون بذلك مجرد أرستقراطي الفكر والثقافة.

Posted in عام | Comments Off on -الثقافـــــــــــــــــــــــــة -الجزء الثاني

-الثقافـــــــــــــــــــــــــة -الجزء الأول

إن سجل موضوع الثقافة حضورا متميزا في الخطاب حول غرامشي فإن مسألة الثقافة تكاد تكون غائبة فيه. فلقد وقع الاهتمام بمسألة الكتلة التاريخية والهيمنة والتفكير السياسي والفلسفة. ولعل موضوع المثقفين أكثرها انتشارا وأوسعها تناولا وأجلاها ظهورا وبروزا. بينما التفت مسالة الثقافة في دائرة الصمت، شرخا تسرب إليها تفصلها قطعا مجزأة، قطعة الأدب وقطعة اللغة، وقطع أخرى، فكانت مسألة الثقافة قطع التجزئة ولم تكن “مقاطعة التناول” كان تناولا بالإشارة والتعريج، بالإثارة والتحميص. إثارة الإشكال، هو لطرح الجوهري للسؤال الجانب من التنظير الغرامشي متموضع في مسألة الثقافة، أما الدراسة الدقيقة هي تحليل عمق الإشكال.
لم يكن موضوع الثقافة عند غرامشي تحت الطلب وإنما على حافته، حافة التعدّي إلى الطلب الآخر بين حافتين، حافة المتروك وحافة الاهتمام. بقي “الموضوع” في خطاب الاختلاف مرتدا بين الاثنين، في مسافة الاستقرار بين اليقظة والإغفاءة. إن وضعية الاستقرار وإطباقة الصمت وتجزئة التناول والوقوع بين الحافتين لمسألة الثقافة، قد نجد لها مبررات في النص الغرامشي نفسه وقد تكون في طبيعة الموضوع.
وإن وقع الحديث عن الثقافة فإنه من قبيل الذكر وحصر الموضوع، فعادة ما تحصر الثقافة في الإيديولوجيا فحالة اللبس بين الثقافة والإيديولوجيا ذات منطلقات إيديولوجية، بين الإيديولوجيا المضادة. إذ نجد العنكبوت الإيديولوجي خلف الستائر مترقبا ضحاياه للوقع في شباكه، فيقوم بفصل المسائل المعرفية عن مدارها العلمي المعرفي، ليتحنطها في قولته الإيديولوجية، فيقول الدكتور عمّار بلحسن: “أن طريق الماركسية محفوف بشرطة الإيديولوجية والتقليد وطرق التفكير والحياة” ومحاصر بأنساق المشترك، وتكون الطبقات المسيطرة عليها في حالة تبعية إيديولوجية طوعية أو مفروضة أو مفروضة فرضا، فنتخذ شكل الطوعية في مستوى القبول الشكلي للطبقات المهيمن عليها بتعبيراتها القولية والممارسية.
“الإيديولوجيات مكوّنات تطبيقية ووسائل توجيه فبالنسبة للمهيمن عليهم تكون جملة أوهام وخديعة قاسية بينما تكون للمهيمنين خديعة مرادة وواعية” .
فمن الضرورة أن يكون الطرف الثاني من البنى الفوقية ذي اختلاف جوهري في تركيبته وممارساته بتغيير هيكلي للفكر والذهنيات والممارسات السلوكية، من خلال القيام بعملية تطهير لتخليص الفكر والذهنيات والأشكال الثقافية من الأوهام العالقة بها عبر الفكر النقدي المتمثل في فلسفة البراكسيس والمعرفة العلمية النقدية وخلق الحسّ الجديد. وتمتلك الثقافة الفاعلية والحيوية في النشاط بخلق بنية فوقية جديدة أصيلة وجذرية عبر توحدها بالطبقات المهيمن عليها، أي تحقيق وحدة النظرية والممارسة وردم الهوة الفاصلة بين العالم الثقافي والبسطاء “les simples” عبر الارتقاء بالوعي في ممارسة النقد، فتنتقل الهيمنة الإيديولوجية إلى الطرف الثاني، فيقول غرامشي: فلسفة البراكسيس تأكيد للاستقلالية والأصالة باحتضانها ثقافة جديدة تتطور مع تطور علاقات العلاقات الاجتماعية” .
2- النسق المفاهيمي:
يتكون النسق المفاهيمي الغرامشي من مجموعات من المفاهيم والمقولات ذات علاقات متنوعة يضبطها نسق يحدد حركتها ويحكمها وفق مفهوم محوري “الهيمنة” الذي شكل إضافة نظرية في التنظير الماركسي عامة. إن النسق المفاهيمي هو الدرجة العليا من البنية النظرية.
ويقوم النسق المفاهيمي على جهاز مفاهيمي محدد من المفاهيم ويتحول الجهاز إلى نسق مفاهيمي بحركة سيرورة الجهاز بحركة النسق المفاهيمي (الآليات الداخلية أجهزة تذيع وتنشر تصورات وأفكار أخرى للحياة” .
فيعتبر كارل ماركس Karl Marx الأيديولوجيا، جملة أوهام تحجب عن الطبقات المضطهدة الوعي بمصالحها الطبقية “ترفع فوق أشكال الملكية المختلفة في ظروف الوجود الاجتماعية بنية قوية متكاملة من الأحاسيس والأوهام وطرق التفكير والمفاهيم الفلسفية خاصة: لخلقها طبقة بكاملها تشكلها على قاعدة هذه الظروف، والمادية والعلاقات الاجتماعية والملائمة لها…” .
وإن أكد ماركس على قيام الإيديولوجية والبنية الفوقية على الأساس الاقتصادي، فإن ذلك يعد مساهمة في تناول مسألة الإيديولوجيا، فكان على الماركسيين تطوير هذه المقولة بتوضيح العلاقة بين البنية التحتية والبنى الفوقية وعلاقة الإيديولوجيا بالمعرفة. وتعدّ مساهمة غرامشي في هذا المجال مهمّة بقوله بفكرة “الوساطات”. كما أن مساهمة مهدي عامل لا بدّ أن نعطيها جانبا من الأهمية إذ يقول: “الممارسة النظرية ممارسة إيديولوجية إنها شكل منها ونقيض لها في آن معا” .
تساهم البنى النظرية في تطوير الممارسة العلمية بما أنها بحث في الواقع الخصوصي في علاقاته وقوانينه وآلياته الداخلية في مختلف مستويات الواقع. فالمعطيات النظرية مفاهيمية تجريدية تعطي قواعد نظرية تساهم في توضيح الإشكاليات المطروحة على مستوى الواقع التاريخي.
أما الممارسة الإيديولوجية، هي تحويل المعطيات النظرية إلى ممارسة علمية في إطار البنية الاجتماعية وما يعتمل فيها من تناقضات بين القوى الاجتماعية. ويضيف مهدي عامل بقوله الفكر الماركسي حركة من البحث العلمي و استعادة مستمرة لمعطيات علمية في ضوء ما توصل إليه العلم من معرفة متجددة” .
في تناول مسألة الإيديولوجيا هي محاولة توضيح الاختلاف بين الإيديولوجي والنظري المعرفي. نفترض أن لكل مسألة مميزاتها النسبية عن الأخرى ولكل واحدة حقلها البنيوي المميز لها. فإذا ما ارتبطت النظرية بالممارسة الإيديولوجية فإن المعرفة نشاط علمي متواصل يكسب النظرية تجددها وتجعلها مناسبة للواقع التاريخي الموجود فيه. أما إذا ما انغلق النسق النظري على نفسه، تتحول إلى إيديولوجية متحجرة لا تواكب الواقع في تطوره وتعدّ معرقلة له، كابحة التطوّر وعنصر التقدم. أما إذا ما استلهمت النظرية العناصر الجديدة من الحقل المعرفي، فإنها تصبح أكثر حيوية ونشاطا، تواكب الواقع في تجدده، تفعل فيه، ويعطيها أرضية خصبة للانطلاق من جديد، بنفس جديد وبروح جديدة، متحولة عبر الحقل الإيديولوجي إلى عنصر فعال لتغيير الواقع والذهاب خطوة نحو الممكن والمأمول.
تناول غرامشي في مسألة التنظيم والثقافة ومشكلة النقد الأدبي ومسألة اللغة فتعتبر هذه النصوص مبحثا خاصا في الثقافة، لكن نجد أن مسألة الثقافة تخللت النص الغرامشي عامة، في صيغة نظرية مجردة ارتباطا بالمسألة المعرفية، والفلسفية، والتاريخ والتطهير Catharsis والتنظيم السياسي، والعلم، والواقع الخصوصي والفردية والوحدة الثقافية لجملة ثقافات مختلفة والوحدة الثقافية الاجتماعية ومسألة التقدم والمنطق والاقتصاد وتغيير الذهنيات.
ارتبطت الثقافة عند غرامشي بجملة من العلاقات المتشابكة والمتداخلة، مع عناصر مختلفة، مما جعلنا نجد صعوبة في الولوج إليها والنفاذ إلى عمقها، إضافة إلى توزعها على كامل النص إذ يتطلب منا العمل في المسألة الثقافية أن نجد حدّا أدنى في التجانس لربط العلاقات والعناصر المختلفة.
فلا يمكن فهم المسألة الثقافية إلا إذا ما ضبطنا موقع الثقافة في النسق النظري الغرامشي في بنية النص، ببحث عناصرها ومساراتها بالمفاهيم الغرامشية عامة، وميزاتها الأساسية.
أشرنا فيما سبق أن النسق النظري الغرامشي نسق حركي محكوم بجملة من العلاقات المتداخلة والمتنوعة بتحرك النسق وفق سيرورة تطور المفاهيم، في أشكال متعددة ومتنوعة، ففي كل فترة من حركة السيرورة النسق تتحول عناصرها إلى مواقع جديدة مختلفة عن غيرها في تمظهرات متجددة. وفي كل مرحلة من هذا تطور هذا يتخذ النسق شكلا جديدا ومظاهر أخرى. فيمكن تقسيم النسق النظري الغرامشي إلى نسق بنيوي ونسق مفاهيمي في محاولة فهم موقع المسألة الثقافية عند غرامشي.
1/ النسق النبوي:
إن النسق البنيوي النظري، نسق عام يوحد العناصر البنيوية للنسق ذاته يجعلها في حالة اللافكاك في تماسك شديد الربط والترابط وفق كلية جامعة للعناصر البنيوية محورها الأساسي الصراع التناقضي المهيمن في مستوياته العلوية / السفلية والأفقية / العمودية متخذة شكل الهيمنة في المستوى الإيديولوجي، وشكل السيطرة في المستوى السياسي، في المستوى الاقتصادي يهيمن أحد الأشكال المستويات البنيوية وفق المرحلة التي تمر بها البنية الاجتماعية الشاملة.
إن البنية الاجتماعية الشاملة هي وحدة البنية الاقتصادية بالبنى الفوقية أو ما يسميه غرامشي الكتلة الاجتماعية الثقافية bloc culturel في تميزها الثقافي.
والتميز الثقافي هو الشكل الجديد التي تتخذه في مستوى الثقافي المرتكز على إطار اجتماعي محدد. فيقول: “ومن جهة أخرى لا يمكن أن يحصل على عضوية الفكر وصلابة الثقافة إلا إذا كانت وحدة المثقفين بالبسطاء ممثلة في وحدة النظرية بالممارسة، وإلا إذا كانت علاقة المثقفين بالجماهير عضوية لتحقيق التجانس بين المبادئ والإشكاليات التي تطرحها الجماهير عبر نشاطها الفعلي مكونة كتلة ثقافية واجتماعية” .
أ) النسق االبنيوي في فتراته الثلاث:
ترتبط البنية الاجتماعية الشاملة بجملة من العلاقات للقوى الاجتماعية حيث يكون الوجود الاجتماعي ذي استقلالية نسبية عن الوعي الاجتماعي، لكن رغم وجود هذه الاستقلالية النسبية فإن البنية الاقتصادية هي المحددة في آخر المطاف، إذ يشقها صراع أساسي وجوهري المتمثل في التناقض الجوهري بين القوى الاجتماعية فيكون هذا الوجود الاجتماعي الموضوعي خارج الإرادات الجماعية الاجتماعية، “تكون العلاقة القوى الاجتماعية، وثيقة الارتباط بالبنية الاقتصادية الموضوعية المستقلة عن إرادة البشر… على قاعدة درجة تطور القوى المادية في علاقات الإنتاج التي تكون فيها المجموعات الاجتماعية فكل واحد منهم يقوم بدوره حسب موقعه الاجتماعي المحدد في علاقات الإنتاج… إن هذه التركيبة الأساسي تسمح لنا بدراسة إمكانية التحولات الاجتماعية الشاملة حسب الشروط الضرورية والمناسبة” .
تمرّ البنية الاجتماعية بثلاث أطوار وهي:
• المرحلة الاقتصادية القطاعية: تمثل مرحلة الوعي الاقتصادي الدرجة الدنيا من الوعي الاجتماعي الطبقي وتسمى بالفترة القطاعية أو الفئوية le moment economic corporatif حيث تشعر المجموعة الحرفية بوحدة مصالحها فيتضامن التاجر مع تاجر آخر، والصنائعي مع الصنائعي الآخر لكن لا يتضامن التاجر مع الصنائعي. “وهذا يعني أن ذلك يضمن وحدة وتجانس المجموعة الحرفية الذي يعني تنظيمها لكن لا تصل إلى مجموعة اجتماعية واسعة” .
وقد تصبح المجموعة االحرفية منغلقة في شكل طائفي تقف أمامه تطور الوعي الاجتماعي.
• مرحلة وحدة المجموعة الاجتماعية:
نمرُّ إلى المرحلة الثانية والتي تكون فيها المجموعة الاجتماعية راعية مصالحها الطبقية، إذ تتوسع دائرة التضامن من الوحدة الاجتماعية في مستواها الطبقي رغم الاختلافات القطاعية الحرفية، لكن يبقى هذا الوعي مقتصرا على الوعي بالمصالح الطبقية الاقتصادية فيمكن أن نسميه بالوعي النقابوي حيث تدافع الفئات الاجتماعية والطبقات على مصالحها من موقع اقتصادي صرف إذ تقتصر مطالبها من الدولة على المساواة القانونية والسياسية فتعتبر أن الدولة فوق الطبقات. يكون الوعي وعيا مطلبيا حسب الممارسات القانونية باحترام مؤسسات الدولة عبر أجهزتها الإدارية، تطالب الفئات والطبقات الاجتماعية في الفترة الثانية بالإصلاحات اقتصادية وسياسية وقانونية في ظل المحافظة على النسق الاجتماعي المسيطر وتحاول الطبقة المهنية اجتماعيا المحافظة على البنية أو التركيبة الاجتماعية فتكون لها السيطرة في المستوى السياسي والهيمنة الإيديولوجية ماسكة بآليات الصراع في مستوياته الثلاث. أما إذ ما حدثت أزمة أحد هذه المستويات واستفحلت فإنها تقوم بتنازلات للطرف الثاني في التناقض لكي لا يصل هذا الطرف إلى مرحلته الهيمنية الذي يشكل عليها خطرا قد يؤدي إلى انقلاب جذري في مستوى العلاقات الاجتماعية ولذلك تستجيب إلى بعض المطالب للطبقات المضادة لها للإمساك بالخيط الأساسي للصراع.
• مرحلة الوعي الاجتماعي السياسي: تصل الفئات والطبقات الاجتماعية إلى مرحلة الوعي السياسي في الفترة الثالثة فيعون مصالحهم الطبقية مما يولد بينهم درجة من الوحدة والتضامن مجتازين المرحلة الحرفية وباحثين عن الممكن السياسي المستقبلي، فتبرز بين هذه الطبقات طبقات عضوية تقوم تحالف مع الطبقات والفئات الاجتماعية وفق المصالح الطبقية المشتركة فتدخل مرحلة السياسية مباشرة من أجل الهيمنة خالقة نسقا جديدا وبنية جديدة فيقول غرامشي عن هذه المرحلة: “يتوضح جليا المرور من البنية التحتية إلى حقول البنى الفوقية المعقدة والمركبة des superstructures هي مرحلة تحول الإيديولوجية التي اعتملت داخليا إلى “حزب” الذي بخضوع صراعا من أجل تغيير تركيبة اجتماعية بكاملها لا تقف في الحدود الاقتصادية والسياسية فقط بل تصل إلى وحدة ثقافية فكرية قيمية هي مرحلة هيمنة طبقة عضوية أساسية إلى الفئات والطبقات التابعة لها، وتمثل الدولة بالنسبة إليها أداة أساسية من أجل الانتشار وتطوير كل الطبقات الوطنية” .
فتكون الكتلة الاجتماعية والثقافية أقصى ما تصل إليه سيرورة تطور الثالثة التي يغلب عليها الصراع في المستوى السياسي.
ب) حركات النسق البنيوي:
يختل النسق البنيوي عن البنية بالحركة، وحركة النسق هي حركة عناصر البنية وتحكم علاقات عناصر البنية بحركات النسق. فقد أسلفنا القول بأن النسق النظري الغرامشي محكم بحركتين أساسيتين حركة سفلية وعلوية وحركة أفقية عمودية، فما يميز هذين الحركتين هو تمفصل السفلي العلوي والأفقي العمودي، وهذا يعني أن تمفصل الحركية تختلف عن الفصل القاطع وقد يظهر لنا الفصل القاطع المتحول في حركة تمفصل.
• الحركة السفلية العلوية:
تقول البنية النظرية الغرامشية بوجود قاعدة أساسية سفلية متمثلة في البنية الاقتصادية ويكون تكوينها خلال مرحلة تاريخية كاملة بترسخ الإنتاج التي تصبح الضابط الأساسي العام للبنية الاجتماعية الشاملة كما يكون تحويلها بنيويا أيضا، أي بتغيير جذري في علاقات الإنتاج.
فيقول غرامشي: “من الأكيد إذا ما تصورنا مفهوم البنية بشكل تأملي تصبح “إله مخفيا” ولكن لا يجب أن ننظر إليها في شكلها التأملي”، بل في شكلها التاريخي كمجموع من العلاقات الاجتماعية، يكون البشر فعليا يعيشون يتحركون في جملة من الظروف الموضوعية التي لا بد من دراستها بطريقة واقعية لا بطريقة تأملية” .
فإذا ما كانت البنية هي المحددة لمجمل البني الفوقية فإن غرامشي لا يعتبرها العامل الوحيد في التغيير “الاقتصاد بذاته de nature كما المصالح الاجتماعية سواء كانت رأسمالية أم شيوعية ومهما كان المسار التاريخي” .
أما البنية العلوية فتتمثل في البنى الفوقية مجموع أشكال الوعي الاجتماعي (الحقوق ، الفلسفة، الدين، الفولكلور، الفنون…) أي ما يتصل بالنشاط الفكري من أشكال ثقافية وتتحول البنى الفوقية إلى إيديولوجيا عندما تصبح أداة هيمنة اجتماعية في المستوى الإيديولوجي ويكون التغيير الجذري للبنى الفوقية مشروط بشرطين أساسيين، فالشرط هو أن التركيبة الاجتماعية لا تختفي إلا عندما تستنفذ كل الإمكانات تطورها (في مستوى قوى الإنتاج). أما الشرط الثاني هو أن الإنسانية لا تطرح إلا الإشكالات التي تستطيع حلها “هذا يبين لنا تعقيد البنى الفوقية التي تتطور في علاقة بالبنية التحتية” .
إن حركة التمفصل العلوية السفلية تتمثل في الوحدة المتماسكة بين البنى الفوقية والبنية التحتية، التي اصطلح غرامشي على تسميتها بالكتلة التاريخية “يجب أن نعمق المعنى الحقيقي التاريخي لمفهوم البنى الفوقية في فلسفة البراكسيس مقارنة بالمفهوم السوريلي Sorelien ولـ “الكتلة التاريخية”. إذا ما وعى البشر بوضعيتهم الاجتماعية بما هم في مجال البنى الفوقية، وهذا يعني أن هناك ربط ضروري وحيوي بين البنية والبنى الفوقية” .
وتكون هذه الوحدة بين البنى الفوقية والبنية التحتية في شكلها الثقافي في خلق ثقافة جديدة في التفكير والسلوك. ولذلك تكون عامل هيمنة إيديولوجية مضادة “قادرة على كسر الطرق الإيديولوجية للطبقات المسيطرة، وتوفير أرضية خصبة للمجتمع الجديد، أن يبدع وفق هيكل فكري وذهنية وسلوكات جديدة فيقول غرامشي في هذا المضمار: “أن خلق ثقافة جديدة لا يعني فقط أن نقوم باكتشافات أصلية فردية، ولكن يعني والأخص نشر حقائق مكتشفة بطريقة نقدية لكي تصبح اجتماعية socialiser وهكذا يمكن أن نقول أصبحت قواعد لنشاط حيوي وعامل ربط ونظام ثقافي قيمي” .
• الحركة العمودية الأفقية:
إن الأساسي في الحركة العمودية الأفقية هو قائمها العمودي الذي يميز بين طرفين من البنى الفوقية المعبر عنه بالصراع في مستوى الإيديولوجي. وتكون الهيمنة لأحد الطرفين. فالصراع صراع هيمنة إيديولوجية أن الطرف الأول يهيمن على المجتمع المدني أداة السيطرة الطبقية للحفاظ على التركيبة البنيوية، إذ يستخدم هذا الطرف جملة الأجهزة الإيديولوجية عبر ممارسته الإيديولوجية وتكون أشكال الإيديولوجيا في الطرف الأول تراتبية تندرج من الأعلى إلى الأسفل، بامتلاكه الجزء الأكبر من المثقفين المنحدرين حسب غرامشي من الريف يستغلون موظفي الإيديولوجيا السائدة وتكون أشكال وفاعلية الإيديولوجيا تراتبية تبدأ بالفلسفة والعلوم لتنتقل إلى مستواها العام عبر الدين وتتوسع لتصل إلى الحس تعتمل بشفافية داخل البني النظرية). وإن تناولنا المفاهيم والمقولات الغرامشية في الفصل الأول والفصل الثاني، فإننا نؤكد في هذه النقطة على النسق المفاهيمي في حركة تجانسه، إذ يشكل مفهوم الهيمنة عند غرامشي المحور الرئيسي للنسق المفاهيمي تدور حولها جملة من المفاهيم الأخرى ومحورا أساسيا للكتلة التاريخية، حلقة الربط بين البنى الفوقية البنية التحتية. إذ يقول غرامشي: “تصبح مجموعة اجتماعية تابعة مستقلة وعضوية “هيمنية” hégémonie “بوجود شكل جديد من الدول، في هذه الفترة بالذات توجد فعليّا شكل نظام ثقافي وقيمي جديد، يعني وجود شكل جديد من المجتمع. ومن هنا تأتي ضرورة تكوين مفاهيم جذرية” .
فيمكن أن نعتبر أن هناك مفهومان أساسيان عند غرامشي مفهوم الهيمنة ومفهوم الكتلة التاريخية أما باقي المفاهيم فهي مكمّلة تكون بينهما (المجتمع المدني المجتمع السياسي، فلسفة البراكسيس، المعرفة العلمية، التطهير، الإصلاح الثقافي القيمي…) ومظاهر تفصيلية للمفهومين الأساسيين.
3) خاصيات الثقافة عند غرامشي:
مسألة الثقافة عند غرامشي مبحث في تعقيد البنى الفوقية وتفكيك لآلياتها. إذ هي شكل البنى الفوقية في حركاتها المتنوعة وتجليات مظاهرها. قد تعني الثقافة عنده فلسفة ومعرفة، وتغييرا للذهنيات، وتطهيرا وخلقا لعالم ثقافي جديد، وحدة الثقافة لثقافات متنوعة. ثقافة أصيلة، متجذرة، تتوحّد بالتاريخ وترتقي بالوعي، وعي نقدي ينطلق من الذات، تعددت الصفات وتنوعت الخصائص وصعب الولوج إليها. وبقي السؤال قائما باحثا عن معنى وجوده وشرعية البحث. بحث مبحث الثقافة في ثقافة تشابكت وتداخلت عناصرها فانفلت الجواب محتميا بالسؤال.
تتميز الثقافة عند غرامشي بالكلية، الجذرية والأصالة، كلية جامعة والجذرية عمق والأصالة واقعية التاريخ الوطني.
أ- الكلية الثقافية:
تبدو عناصر المسألة الثقافية متفرقة لا جامع بينها، توزعت بين المعرفة والفلسفة وبين الوحدة والتغيير وبين الذاتية والجماعية وبين الماضي والمستقبل التاريخي والتجانس والتنوع. اختلفت صورة البنى الفوقية فقال عنها غرامشي: “شكل لمضمون اجتماعي حقيقي وطريقة لاستدراج تركيبة المجتمع لخلق وحدة قيمية” .
وإن انتصبت الرؤية الثقافية عند غرامشي على التفارق والتنوع فإن هناك وحدة داخلية جمعت عناصرها وخيط ربط خصائصها تتوضح بالتدريج في مسارات البحث.
تنمو الكلية الثقافية Université culturelle بالتدريج، وليد ينمو ويتحرك في بطن البنى الفوقية “بهذه الطريقة تتهاوى البنية حالما وجد وعي وقيم جديدة في نمو وتطور، وعي وسيع وأكثر رقيّا، أنه فبدى كأنه “الحياة الوحيدة” و”الحقيقة الواحدة” بالنسبة للماضي الميت متشبثا بالحياة” .
إن من بين خصائص الوحدة الثقافية عند غرامشي التجانس والوحدة.
• التجانس:
إن التجانس الثقافي هو التناسق الفكري لمجموعة اجتماعية عضوية متمثلة في وحدتها الإيديولوجية. فتصبح الثقافة هامشية عندما يبرز التناقض بين النظرية والممارسة.
واللاتجانس بوجود عدة أنساق فلسفية في نفس الوقت، “إن التناقض بين الفكر والممارسة يظهر في تعايش تصورين للعالم، تصور مؤكد قولا وآخر تفسره الممارسة” .
يعتبر غرامشي أن النقد الوسيلة الوحيدة لتجاوز الهامشية الثقافية والوعي المجزأ إذ يقول: “يستحسن أن يكون الإنسان تصوره الخاص للعالم بوعي نقدي المرتبط بممارساته باختيار حقل نشاطه، ويكون فاعلا في التاريخ ومقادا بذاته ولا أن يقبل محيطه طوعيا” .
إن التجانس الثقافي والفكر صمام أمان للفاعلية التاريخية والاجتماعية “ضروري أن تكون تصوراتنا للعالم والحياة متناسقة ومتجانسة”

Posted in عام | Comments Off on -الثقافـــــــــــــــــــــــــة -الجزء الأول